قراءة في تقرير البنك المركزي الموريتاني 2023

يصدر النبك المركزي الموريتاني سنويًا تقريرًا عن الحالة الاقتصادية والمالية والنقدية للبلاد خلال العام المنصرم. وقد أصبح التقرير على مر السنين مرجعًا أساسيًا للوصول إلى أحدث المؤشرات الاقتصادية والمالية المحلية. وتقوم شركة الاستشارات العالمية KPMG بتدقيق حسابات البنك السنوية. يذكر التقرير الذي أصدره البنك في يوليو ٢٠٢٤ مؤشرات مهمة مثل معدل التضخم ونسبة نمو الناتج المحلي الخام، كما يضع ذلك في سياقاته من أوضاع اقتصادية عالمية أو سياسات نقدية محلية ودولية. 

تراجع معدل نسبة التضخم من 9.6% عام 2022 إلى 5% عام 2023. وعزا ذلك للسياسة النقدية الصارمة التي فرضت تقليص حجم الإقراض في القطاع المصرفي المحلي

تعد نسبة النمو الاقتصادي أهم المؤشرات التي يتتبعها المهتمون بالشأن الاقتصادي، وقد أظهر التقرير تراجعًا طفيفًا في نسبة النمو لعام 2023 مقابل عام 2022؛ حيث تراجعت من 6.8% إلى 6.5%. ويتساءل أغلب المتابعين عن أثر هذه النسبة على حياة المواطنين الأفراد. والواقع أن بلادنا مصنفة ضمن البلدان الأقل نموّا حسب الأمم المتحدة. والناظر إلى التاريخ الاقتصادي العالمي خلال القرن الأخير يرى أن البلدان في هذه الفئة لا تحقق نموًا مؤثرًا حتى تحقق نسبة نمو من خانتين على الأقل مع انتقال حقيقي من نشاطات اقتصادية استخراجية أو زراعية إلى نشاطات تحويلية.

كما أظهر التقرير الصادر لعام 2023 تراجع معدل نسبة التضخم من 9.6% عام 2022 إلى 5% عام 2023. وعزا ذلك للسياسة النقدية الصارمة التي فرضت تقليص حجم الإقراض في القطاع المصرفي المحلي. إضافة إلى إيقاف عمليات شراء الذهب التي جرى بها العمل خلال الأعوام الماضية. وكان الدافع وراء ذلك التوقف أن لا تتسبب عمليات الشراء هذه في ضخ مزيد من السيولة النقدية في الاقتصاد المحلي حتى لا يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم في فترة تشهد فيها عوامل التضخم هشاشة على المستويين المحلي والدولي.

فيما يتعلق بالاحتياطات من النقد الأجنبي  أظهر هذا التقرير لأول مرة آثار اعتماد استراتيجية جديدة لتنويع المحفظة الاستثمارية الخارجية، وهو ما أدى إلى تحقيق عائد استثماري بلغ 87 مليون دولار خلال عام 2023. إضافة إلى  عوامل أخرى مثل تحقيق رصيد فائض في ميزان المدفوعات نتيجة لزيادة الاستثمار الأجنبي خاصة في قطاع المحروقات، أدت إلى ارتفاع احتياطات النقد الأجنبي لتبلغ عام 2023 ملياري دولار. 

أظهر التقرير استقرار مستوى المديونية الخارجية عند مستوى 41% من الناتج المحلي الخام

من ناحية أخرى يذكر التقرير بعض التحسينات التي قام بها البنك المركزي خلال العام المنصرم مثل إنشاء سوق للصرف بين البنوك المحلية، وإنشاء مستودع بيانات مركزي لجميع المصارف المحلية، وتحسين أنظمة التسويات المحلية واعتماد تحسينات بالنسبة لأنظمة التحويل الدولية، إضافة إلى خطط لإطلاق عملية رقمية.

أخيرًا، أظهر التقرير استقرار مستوى المديونية الخارجية عند مستوى 41% من الناتج المحلي الخام حيث بلغ إجمالي الديون الخارجية 4.21 مليار دولار كما بغلت مدفوعات خدمة الدين 337.4 مليون دولار 73% مدفوعات رأسمال و27% مدفوعات فوائد. وهو مستوى مقبول نظرًا إلى أن موريتانيا لا تصدر أدوات دين دولية، وينبغي ألا تسعى إلى إصدار أدوات دين مقومة بالعملات الأجنبية حتى تتم معالجة جميع العيوب الهيكلية للاقتصاد المحلي خصوصًا منها ما يتعلق بالاعتماد على النشاطات الاستخراجية.

حمل التقرير من منصة موريتانيا عبر التقارير: تنزيل الملف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *